كم هي ممتعة لغة الحمام في البرلمان

السخوووون الله يرحم الوالدين... كم هي ممتعة لغة الحمام في البرلمان وأنت تسمع صدى صورتك يعود إليك و رائحة العرق تخرج من المسام و تلك الآهات لحظة الاسترخاء وصب الماء الساخن على الجسد الواهن المهدود



عمر أوشن كود  
في كل برلمانات العالم تحدث مناوشات وتراشق كلام و تبادل التهم وتبادل الضرب أحيانا .
و ما حدث بين نواب برلمانيين و وزير العدل يدخل في هذا الباب ..المسالة عادية أجدها .
كثير ممن علقوا على الحدث قالوا انه من العيب وقلة الحياء أن يدخل قاموس الحمام إلى نقاشات سياسية ودستورية تهم أوضاع البلد. لكن لماذا لا توسع دربالتنا ونوسع قليلا مجال رؤيتنا للأشياء لترى الجانب الآخر..
أحيانا لغة الحمام والكسال والبواب والميكانيكي والقهوجي يمكن أن تتنقل إلى البرلمان بدون حرج.
نحن لحد الساعة أدخلنا للبرلمان لغة الأساتذة ولغة المحامين ولغة الحزبيين وهي في الغالب أسلوب و تقنيات كلام متشابهة في مجالات اشتغالها ومتشابهة من الناحية الشكلية.
لماذا لا نجرب لغات” أخرى وأساليب تعبير أخرى قد تخرج مجلس النواب ومجلس المستشارين من الضجر الذي يعيشه وتخرجه من النمطية و الكلوناج والتكرار .. 
في الأدب والمسرح والسينما وفنون تعبير أخرى حصل تجريب وثورات في هذا المجال وأنقذت الآداب و الفنون من السجع والإنشاء والتقريرية والقيود الأخرى..
 تصوروا في يوم ما نسمع برلمانيا يصيح صيحة المحجوب الراجي: ” السخوووون.. السخووون .. الله يرحم الوالدين.” ستكون القضية مثيرة ومشوقة وما يحتاج إليه البرلمان هو الإثارة ومسرحة الأشياء لإنقاذه من الروتين و من بلا بلا بلا..
كم هي ممتعة لغة الحمام في البرلمان وأنت تسمع صدى صورتك يعود إليك و رائحة العرق تخرج من المسام و تلك الآهات والتأوهات والحشرجات لحظة الاسترخاء وصب الماء الساخن على الجسد الواهن المهدود اححححح اممممم ..
حمام بلا ما” هو الوصف الذي يعطيه المغاربة لجوقة وتجمع غيرمنظم .من قديم و قبل أن يوجد برلمان في المغرب فطن الناس إلى المقارنة بين تجمع أشخاص والحمام..ثم ما المشكلة أصلا في الحمام؟
لماذا نأكل الغلة و نسب الملة؟ نهرول إليه لغسل الأوساخ و تطيير “التمن” الملعون و تكميد العظام و المفاصل و القطيعة مع العالم الخارجي لحظات قصيرة و التعري أمام الأجنبي والغرباء بدون حشمة و بدون مشكلة..

السخوووون السخوووون السخوون الله يرحم الوالدين هذا هو نداء المحبوب المحجوب الراجي .
السياسة ستموت في المستقبل إن ظلت لغتها على ما هي عليه من نمطية و تكرار واستنساخ .السياسة سيحدث لها ما وقع للأدب وستبحث عن الثورة على القصيدة التقليدية وتبحث عن الشعر الحر والقصيدة النثرية والمسرح التجريبي وسينما المؤلف..
قليلون هم السياسيون الذين يجتهدون في الخطاب. لغتهم مكررة متشابهة .منذ فتحت عيني وأنا أقرأ و أسمع لازمة جملة تقول: ” في هذه اللحظة التاريخية الدقيقة؟ في كل مناسبة تقال وتكرر لكن اللحظة التاريخية الدقيقة لم تأت للأسف..
في فترة قال مرة الحسن الثاني أن المغرب مقبل على السكتة القلبية فقامت كل القبائل السياسية وكل المتحدثين يكررونها..السكتة القلبية ..السكتة القلبية ..الحسن الثاني كان مطلعا على قاموس الأطباء وجاءت الكلمة من لغة الطب في محلها..لقد أجتهد مثلما يفعل أي شاعر مجتهد لكن الذين جعلوها لازمة الخطاب لم يضيفوا لها أي شيء..
صراحة لا ضير على البرلمان إن دخلت لغات جديدة لتصبغ عليه طابع التجديد والتغيير والثورة على النمطية.طبعا في إطار الاحترام للمؤسسة وبروح رياضية وبدون تراشق تهم و كلام جارح والتصريح بالكروش .
النجارون والجباصون والحدادون والبناءون والصفارون والدباغون والصباغون والصياغون و البستانيون والقهوجيون والذهايبية والبحارون والطباخون والخياطون والحلاقون والكسالون و الجزارون والخضارون و سواق الاتوبيس والتاكسي ومول الكوتشي أليس من حقهم أن يسمعوا صوتهم في البرلمان في يوم ما؟
أليس البرلمان مؤسسة الشعب .
مرحبا بالجميع لكن بهدوء وبنظام وانتظام.